قبل عشرين عاماً، وتحديداً إلا ثلاثة أيام، يوم الجمعة ١٧ نوفمبر ١٩٨٩، وضع «حسام حسن» قدم مصر فى المونديال بعد غياب طال لمدة تقارب الستين عاماً، بهدفه فى الدقيقة الرابعة من مباراة «مصر والجزائر»، لتفرح مصر فرحة لم تتكرر إلا فى الأعوام الأربعة الماضية مع بطولة كأس الأمم الأفريقية ٢٠٠٦ و٢٠٠٨، ولكن السعادة الهائلة التى تتفجر مع التأهل إلى كأس العالم لها رونق آخر يختلف عن أى بطولة أيا كانت، فمن يا ترى يكون «حسام حسن» الجيل الحالى الرابع الذى أكد أنه الأجدر والأقدر على الوصول بإذن الله إلى المونديال الأفريقى القادم.. فما أجمل تلك اللحظات! لا حديث فى مصر الآن إلا عن المونديال، والمباراة المصيرية المرتقبة، وأمام منافس عربى نحترمه كثيراً، فبعد غياب طويل جداً تعود الجزائر للظهور بقوة على الساحة الأفريقية، والجزائر بدأت هى الأخرى التصفيات بصورة باهتة لم تشر لا من قريب أو بعيد إلى أنها قادرة على الوصول إلى أبعد من المونديال الأفريقى - حسب تصريحات سابقة لمدربه رابح سعدان، إلا أن «محاربى الصحراء» استعادوا ذاكرة الأمجاد لتحلم هى الأخرى بنفس حلم المصريين. الحق مشروع للفريقين، ولكن رغبة مصر أكبر وأقوى، فكثيراً ما تعرض المنتخب الوطنى لمواقف مماثلة طيلة العشرين عاماً الماضية، ليقترب ويبتعد، ويترشح بقوة للوصول ثم يخذل الجميع فجأة بحسابات معقدة كانت كثيراً ما تفشل، إلا أن هذه المرة جاءت مختلفة، فقد حقق انتصارين متتاليين خارج الأرض فى المرحلة النهائية ربما لأول مرة فى تاريخ التصفيات، وها قد واتته الفرصة فى أن تكون المباراة الأخيرة، فاصلة بكل ما تحمله الكلمة من معان، فهذا الجيل بعد فوزه بكأسين متتاليين للأمم الأفريقية يرغب فى وضع اللمسة الأخيرة لقصة النجاح الكبيرة لهذه المجموعة، ودوماً تلك اللمسة تزين الصورة النهائية بأجمل الألوان، ولم يعد أمام الفريق سوى ٩٠ دقيقة فقط من الكفاح الرجولى والحماسى فى ملعب «القاهرة» الذى شهد صعودنا الأخير للمونديال.. ونشعر بأنه سيكون عروساً بإذن الله ليحتفل كل المصريين بفرحة التأهل. المنتخب المصرى فى تلك الحقبة يمتلك ما لم يمتلكه من قبل، فقليلاً ما تجد تجمع لكل هذه المواهب فى فريق واحد، يمتلك الالتزام داخل وخارج الملعب، ويقوده مدرب ناجح مظفر جراء البطولات التى حصدها ومنحته ثقة كبيرة فى نفسه وفريقه، كم كبير من اللاعبين فى مختلف المراكز كل منهم قادر على قيادة فريق كامل، أخلاق واتزان ورغبة فى تحقيق الإنجاز الأكبر لهم ولبلادهم، كل هذا يدفع بالجمهور المصرى إلى التفاؤل والإحساس بقرب تحقيق الحلم أخيراً، ولن نقبل إلا بتحقيقه بعد أن أصبحت الفرصة بأقدامنا نحن، وتلك الأقدام هى من حصدت التسع نقاط الأخيرة المتتالية لتقلص الفارق بينها وبين منافسها العربى إلى ٣ نقاط فقط وفارق هدفين. تقول لغة الأرقام والإحصائيات إن شهر نوفمبر يحمل التفاؤل بشدة لمنتخب مصر، وتحديداً فيما يتعلق بمباريات تصفيات كأس العالم وحتى مواجهاته أمام الفرق العربية العتيدة مثل «تونس والمغرب، والجزائر»، وسنحاول التجول بين صفحات كتب التاريخ خلال ٩٠ عاماً، باحثين عن الأمل فى الماضى وبث الثقة فى النفوس، وقراءة الحاضر بأدق إحصائيات تخص المنتخب الجزائرى التى يعلمها جهازنا الفنى جيدا لنجعل منه كتاباً مفتوحاً للجميع.. ونترك النتيجة لتوفيق الله سبحانه وتعالى وأقدام رجال مصر الشرفاء. ■ ٥٦٪ هى نسبة تحقيق المنتخب المصرى للفوز فى مبارياته التى خاضها فى شهر نوفمبر عبر التاريخ، وهى نسبة جيدة جداً واضعين فى الاعتبار أن المنتخب المصرى حقق التعادل بنسبة ٢٥.٤٪.. وخسر فقط ١٨.٦٪ من إجمالى لقاءاته فى هذا الشهر.. ورقمياً، فإن المنتخب المصرى يتفوق تماماً فى هذا الشهر الذى شهد صعوده الكبير عام ١٩٩٠ أيضاً. ■ سجل المنتخب المصرى ١٣٥ هدفاً بمعدل هدفين فى كل مباراة، وهو قادر على إحراز المزيد فى اللقاء المقبل، بينما سكنت الكرة الشباك المصرية ٥٤ مرة فقط، بمعدل أقل من هدف واحد فى كل مباراة. ■ المباريات التى أقيمت داخل مصر بين جمهورها هى التى تهمنا إحصائياً فى هذا التحليل، حيث فاز منتخبنا فى ١٨ مباراة من إجمالى ٢٧، أى بنسبة تصل إلى ٦٧٪ وخسر فقط ١٥٪ من مبارياته خلال أكثر من ٩٠ عاماً. ■ نسب إحراز منتخبنا للأهداف على أرضه مطمئنة للغاية، وأيضاً الأهداف التى سكنت مرماه، حيث كان أغلبها فى مباريات ودية وليست رسمية. ■ ٣ مباريات رسمية فقط خسرتها مصر على أرضها بصعوبة بالغة (إيطاليا مرتين عامى ١٩٥٣ و١٩٥٥ «٢/١ و١/٠»، وتونس ١٩٨٧ «١/٠»).. ومباراة تونس فى تصفيات الأولمبياد هى المباراة الرسمية الأخيرة التى نخسرها على ملعبنا وبعد وقت إضافى، أى منذ أكثر من عشرين عاماً! ■ وحتى على مستوى المباريات الودية، فإن منتخبنا لم يخسر على ملعبه أبداً خلال العشر سنوات الماضية، وكانت آخر خسارة ودية أمام «غانا» فى عام ١٩٩٩ «٢/١». ■ نسب إحراز الفوز للمنتخب المصرى على أرضه ممتازة جداً فى المباريات الرسمية، وتقريباً معدل إحراز المنتخب للأهداف يتجاوز هدفين فى كل مباراة. ■ فاز منتخبنا بكل مباريات التصفيات لكؤوس العالم التى أقيمت فى نوفمبر خلال ٩٠ عاماً، ولم يخسر سوى مباراة واحدة فقط «كانت أمام إيطاليا ١٩٥٣ كما ذكرنا»، أى أن المنتخب المصرى لم يخسر أبداً فى تصفيات كأس العالم فى نوفمبر منذ أكثر من خمسين عاماً! ■ معدل تهديف منتخبنا يصل تقريباً إلى ٣ أهداف/ مباراة، واستقبلت شباكه هدف/ مباراة تقريباً! ■ أفضل نتائج مصر فى التصفيات كانت أمام «ناميبيا» عام ١٩٩٦، وفازت مصر وقتها ٧/١، وبالتأكيد فإن مباراة «١٧ نوفمبر» هى الأغلى فى تاريخ مصر مع التصفيات وفوزها بهدف واحد أهلها إلى نهائيات كأس العالم «إيطاليا ١٩٩٠». ■ أكبر نتيجة حققها المنتخب خلال نوفمبر كانت الفوز «١٥/٠» على حساب «لاوس» فى بطولة ودية أقيمت بإندونيسيا ١٩٦٣، وفى البطولة نفسها فازت مصر على السعودية «٧/٠». ■ هداف مصر خلال شهر نوفمبر من الجيل الحالى هو «عماد متعب» الذى يعود بعد غياب طويل للمنتخب، ولعله فأل خير رائع، وأحرز «متعب» ٨ أهداف فى ٧ مباريات خاضها مع المنتخب المصرى خلال هذا الشهر، كما يتواجد «محمد أبوتريكة» صاحب هدفين هو الآخر، و«سيد معوض» و«حسنى عبدربه». ■ الجزائر تتفوق فى إجمالى عدد مرات الفوز على المنتخب المصرى عبر التاريخ، وهى حقيقة لا تقبل الشك.. ولكن ثلثى هذه النتائج جاءت فى «كؤوس الأمم الأفريقية ومباريات ودية»، بينما كان أول فوز فى تاريخ الجزائر على مصر فى تصفيات كأس العالم هو الذى تحقق فى البليدة فى يونيو الماضى. ■ المنتخب المصرى تخصص فى الفوز على المنتخب الجزائرى فى تصفيات كأس العالم، وصعد على حسابه مرة، كما أذاقه أكبر هزيمة فى لقاءات الفريقين «٥/٢» بالقاهرة فى تصفيات كأس العالم ٢٠٠٢، وهى الأكبر لأى منهما أمام الآخر! ■ ٣٦٪ نسبة فوز الجزائر، مقابل ٢٤٪ فى إجمالى مباريات الفريقين سوياً.. وتتفوق الجزائر فقط بثلاثة أهداف على منتخبنا طيلة الأعوام الطويلة الماضية التى تقابل فيها الفريقان.. ومصر قادرة على تقليص هذا الفارق فى المباراة القادمة مثلما فعلت الجزائر فى البليدة. ■ مصر تتفوق فى نسبة الأهداف التى أحرزتها فى مباريات تصفيات كأس العالم، حيث أحرزت مصر ٨ أهداف مقابل ٦ للجزائر، بينما تتفوق الجزائر تماماً فى مقابلاتها مع مصر فى بطولات «كأس الأمم» فقط! ■ الفوز المصرى فى تصفيات الأولمبياد، سبقه تعادل إيجابى خارج الأرض «١/١»، وعاد «علاء نبيل» ليمنح مصر بطاقة التأهل إلى الأولمبياد بهدفه فى القاهرة، لتحصد مصر بطاقة جديدة من بين براثن الجزائر عام ١٩٨٤ تسبق تذكرة المونديال الأغلى «والطريف أن المباراة أقيمت يوم ١٧ أيضاً ولكن فى فبراير ٨٤»، ويبدو أن مصر تتخصص فى قنص بطاقات البطولات الكبرى من الجزائر دوماً، وهى الأهم! ■ فوز مصر ٥/٢ هى النتيجة الأعلى والأكبر تماماً بين الفريقين، وسجلها رجال مصر فى تصفيات ٢٠٠٢، ونتيجة «١/٠» هى الأكثر حدوثاً بينهما (نصيب مصر ٤ مرات، والجزائر ٣ مرات». ■ أكبر فوز للجزائر هو «٣/١» وحققها مؤخراً فى التصفيات الحالية، وقبلها فى كأس أفريقيا ١٩٨٤.. بينما حققتها مصر مرة واحدة فقط فى لقاء ودى عام ١٩٧٤. ■ نتيجة التعادل «١/١» هى الأكثر تكراراً «٦ مرات» وأخر مرة كانت فى تصفيات ٢٠٠٢، فى اللقاء الذى أقيم بالجزائر عام ٢٠٠١، بينما تحققت نتيجة التعادل «٠/٠» مرة واحدة فقط كانت عام ١٩٨٩ فى المباراة الأولى بالجزائر قبل أن تصعد مصر بفوزها بالقاهرة بهدف حسام حسن، وتكررت نتيجة «٢/٢» ٣ مرات، منها مرة بكأس أمم أفريقيا ١٩٨٠ فى نيجيريا، فى الدور قبل النهائى، وخرجت مصر بضربات الجزائر الترجيحية! ■ التشكيلة الحالية للمنتخب المصرى تحمل أسماء «محمد أبوتريكة، محمد بركات، عبدالظاهر السقا - العائد بعد غياب طويل والمفارقة أن يعود أمام الجزائر تحديداً»، وهم أصحاب ثلاثة أهداف فى مرمى المنتخب الجزائرى، والأكثر طرافة أنهم سجلوا هذه الأهداف فى مباريات تصفيات كأس العالم «٢٠٠٢ و٢٠١٠»!! ■ تأهلت مصر من المجموعة الثانية عشرة فى التصفيات الأولية، بعد أن حصدت ١٥ نقطة من ٥ فوز وهزيمة واحدة فقط، أى بنسبة نجاح تقارب ٨٥ ٪، وبمعدل تهديفى رائع «+ ١١». ■ بينما تأهلت الجزائر كأول المجموعة السادسة، وتمكنت من الحصول على ١٠ نقاط بعد ٣ مباريات فوز وتعادل وهزيمتين، نسبة نجاح تتجاوز الـ٥٠٪ بقليل.. وبمعدل تهديفى «+٣». ■ إجمالياً حتى الآن، لعب كلا الفريقين ١١ مباراة، فازت مصر فى ٨ بينما فازت الجزائر فى ٧ مباريات، وحتى لحظتنا تلك فإن منتخبنا يمتلك فى التصفيات كلها معدلاً تهديفياً «+ ١٤» وللجزائر «+ ١٠»، وإن كانت الجزائر تتفوق فى المرحلة الحالية بفارق هدفين و٣ نقاط فى المجموعة الثالثة التى تضمهما فى المرحلة النهائية من التصفيات. ■ منتخب مصر قدم أفضل أداء له عبر السنوات الماضية خلال التصفيات، باستثناء البداية المهتزة أمام زامبيا والجزائر هناك، ونجد أنه حقق ٤ مباريات فوز خارج ملعبه بينما لم يخسر أبداً على ملعبه، فى حين أن الجزائر أيضاً لم تخسر على ملعبها ولكنها تعادلت خارج ملعبها مرتين وخسرت مباراتين خلال كل أدوار التصفيات! ■ المنتخب المصرى على ملعبه - إجمالياً - أحرز ١٢ هدفاً وسكن مرماه هدفان، بينما أحرز المنتخب الجزائرى خارج أرضه هدفين وسكن مرماه مثلهما، والمنطق قد يشير إلى احتمالية كبيرة بإذن الله لفوز مصرى كبير ■ محمد أبوتريكة، هداف المنتخب المصرى برصيد ٥ أهداف.. وهو أكثر من أحرز بين لاعبى الفريقين. ■ كل هدافى الفريقين سيشاركون فى تلك المباراة الحاسمة. ■ رباعى مصر حصد كل منهم «إنذارين فقط» بينما حصد منصورى أربعة إنذارات والثلاثى التالى حصد كل منهم ٣ إنذارات. ■ كل الركلات المحتسبة أحرزت أهدافاً للفريقين، كما أحرزت الركلة المحتسبة ضد الجزائر. ■ أشرك الجهاز الفنى المصرى ٣٧ لاعباً طوال التصفيات، أكثرهم «الحضرى ووائل جمعة» ويغيب وائل عن اللقاء الحالى، بينما لعب المنتخب الجزائرى ٢٥ لاعباً أكثرهم مشاركة «جواوى» حارس المرمى أيضاً. إحصائيات دقيقة للغاية للمنتخب الجزائرى ونحاول هنا الاقتراب بشدة من أدق إحصائيات المنتخب الجزائرى التى تكشفه تكتيكياً تماماً، للتأكيد على أن الفريق ليس بالذى لا يقهر ومنتخبنا قادر تماماً على الفوز عليه بإذن الله وتحقيق صعود جديد للمونديال القادم. ■ لم يحرز المنتخب الجزائرى أى أهداف فى الربع ساعة الأولى، كما لم يسكن شباكه أى أهداف فى هذا التوقيت، وبالتأكيد فإن هذا دليل واضح على لجوء الفريق إلى الدفاع وتأمين مرماه جيداً بلا أى مخاطرة للهجوم مع بداية أى مباراة طوال التصفيات، وربما يمكن أن نستثنى مباراة «رواندا» الأخيرة التى ثار فيها محاربو الصحراء مع بدايتها، إلا أن الضغط العصبى الذى شكله فوز منتخبنا قبلها بيوم واحد على نظيره الزامبى بالإضافة إلى التسرع لم يمكنا الفريق من التركيز وإحراز أى أهداف! ■ آخر ربع ساعة من كل شوط، شهد إحراز هدفين للفريق، وهو وإن كان أمراً جيداً إلا أن الإحصاء العام يبين أنهما أقل فترة سجل فيها المنتخب الجزائرى، بسبب ضغط الخصم والتراجع البدنى إلى حد ما، ونسبة التسجيل فى تلك الفترتين كانت ١٢.٥٪ لكل منهما! ■ الربع ساعة الأولى فى الشوط الثانى، والوقت المتوسط للمباراة، هما أعلى فترات الفريق تهديفاً، ويجب أن يدرك ذلك جيداً لاعبو فريقنا بأن تلك الفترات هى الأهم فى عمر المباراة، لما يجب أن تشهد فيه قمة التركيز من جانبنا وتوخى الحذر لكى لا يخطف المنتخب الجزائرى هدفاً فى تلك الأوقات التى يستطيع فيها دوماً التركيز، ونسبة التسجيل لكل لفترة ٢٥٪ بإجمالى «٧٥٪ من أهداف الجزائر فى تلك الفترات»! |
الأحد، 8 نوفمبر 2009
التاريخ يدعم مصر.. والجزائر «كتاب مفتوح»
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق